بسم الله الحمن الرحيم و الصلاة و السلام على اشرف الخلق محمد و اله الطيبين الطاهرين موضوعنا يتحدث عن معاجز الامام علي بن ابي طالب عليه السلام
و من ذلك ما رواه أهل السيرة و اشتهر الخبر به عند العامة و الخاصة حتى نظمته الشعراء و خطبت به البلغاء و رواه الفقهاء و العلماء من حديث الراهب بأرض كربلاء و الصخرة و شهرته تغني عن تكلف إيراد الإسناد له.
و ذلك أن الجماعة روت أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع لما توجه إلى صفين لحق أصحابه عطش شديد و نفد ما كان معهم من الماء فأخذوا يمينا و شمالا يلتمسون الماء فلم يجدوا له أثرا فعدل بهم أمير المؤمنين عن الجادة و سار قليلا فلاح لهم دير في وسط البرية فسار بهم نحوه حتى إذا صار في فنائه أمر من نادى ساكنه بالاطلاع إليهم فنادوه فاطلع فقال له أمير المؤمنين ع هل قرب قائمك هذا ماء يتغوث به هؤلاء القوم فقال هيهات بيني و بين الماء أكثر من فرسخين و ما بالقرب مني شيء من الماء و لو لا أنني أوتى بماء يكفيني كل شهر على التقتير لتلفت عطشا.
فقال أمير المؤمنين ع أ سمعتم ما قال الراهب قالوا نعم أ فتأمرنا بالمسير إلى حيث أومأ إليه لعلنا ندرك الماء و بنا قوة فقال أمير المؤمنين ع لا حاجة بكم إلى ذلك و لوى عنق بغلته نحو القبلة و أشار لهم إلى مكان يقرب من الدير فقال اكشفوا الأرض في هذا المكان فعدل جماعة منهم إلى الموضع فكشفوه بالمساحي فظهرت لهم صخرة عظيمة تلمع فقالوا يا أمير المؤمنين هنا صخرة لا تعمل فيها المساحي فقال لهم إن هذه الصخرة على الماء فإن زالت عن موضعها وجدتم الماء فاجتهدوا في قلبها فاجتمع القوم و راموا تحريكها فلم يجدوا إلى ذلك سبيلا و استصعبت عليهم فلما رآهم ع قد اجتمعوا و بذلوا الجهد في قلع الصخرة فاستصعبت عليهم لوى ع رجله عن سرجه حتى صار على الأرض ثم حسر عن ذراعيه و وضع أصابعه تحت جانب الصخرة فحركها ثم قلعها بيده و دحى بها أذرعا كثيرة فلما زالت عن مكانها ظهر لهم بياض الماء فتبادروا إليه فشربوا منه فكان أعذب ماء شربوا منه في سفرهم و أبرده و أصفاه فقال لهم تزودوا و ارتووا ففعلوا ذلك.
ثم جاء إلى الصخرة فتناولها بيده و وضعها حيث كانت و أمر أن يعفى أثرها بالتراب و الراهب ينظر من فوق ديره فلما استوفى علم ما جرى نادى يا معشر الناس أنزلوني أنزلوني فاحتالوا في إنزاله فوقف بين يدي أمير المؤمنين ع فقال له يا هذا أنت نبي مرسل قال لا قال فملك مقرب قال لا قال فمن أنت قال أنا وصي رسول الله محمد بن عبد الله خاتم النبيين قال ابسط يدك أسلم لله تبارك و تعالى على يدك فبسط أمير المؤمنين ع يده و قال له اشهد الشهادتين فقال أشهد أن لا إله إلا الله و أشهد أن محمدا رسول الله و أشهد أنك وصي رسول الله و أحق الناس بالأمر من بعده فأخذ أمير المؤمنين ع عليه شرائط الإسلام ثم قال له ما الذي دعاك الآن إلى الإسلام بعد طول مقامك في هذا الدير على الخلاف فقال أخبرك يا أمير المؤمنين أن هذا الدير بني على طلب قالع هذه الصخرة و مخرج الماء من تحتها و قد مضى عالم قبلي فلم يدركوا ذلك و قد رزقنيه الله عز و جل و إنا نجد في كتاب من كتبنا و نأثر عن علمائنا أن في هذا الصقع عينا عليها صخرة لا يعرف مكانها إلا نبي أو وصي نبي و أنه لا بد من ولي لله يدعو إلى الحق آيته معرفة مكان هذه الصخرة و قدرته على قلعها و إني لما رأيتك قد فعلت ذلك تحققت ما كنا ننتظره و بلغت الأمنية منه فأنا اليوم مسلم على يدك و مؤمن بحقك و مولاك.
فلما سمع ذلك أمير المؤمنين ع بكى حتى اخضلت لحيته من الدموع ثم قال الحمد لله الذي لم أكن عنده منسيا الحمد لله الذي كنت في كتبه مذكورا ثم دعا الناس فقال لهم اسمعوا ما يقول أخوكم هذا المسلم فسمعوا مقالته و كثر حمدهم لله و شكرهم على النعمة التي أنعم الله بها عليهم في معرفتهم بحق أمير المؤمنين ع. ثم سار ع و الراهب بين يديه في جملة أصحابه حتى لقي أهل الشام و كان الراهب من جملة من استشهد معه فتولى ع الصلاة عليه و دفنه و أكثر من الاستغفار له و كان إذا ذكره يقول ذاك مولاي .
و في هذا الخبر ضروب من المعجز أحدها علم الغيب و الثاني القوة التي خرق العادة بها و تميز بخصوصيتها من الأنام مع ما فيه من ثبوت البشارة به في كتب الله الأولى و ذلك مصداق قوله تعالى ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ وَ مَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ و في ذلك يقول إسماعيل بن محمد الحميري في قصيدته البائية المذهبة :
و لقد سرى فيما يسير ليلة بعد العشاء بكربلاء في موكبحتى أتى متبتلا في قائم ألقى قواعده بقاع مجدبيأتيه ليس بحيث يلفي عامرا غير الوحوش و غير أصلع أشيبفدنا فصاح به فأشرف ماثلا كالنسر فوق شظية من مرقبهل قرب قائمك الذي بوئته ماء يصاب فقال ما من مشربإلا بغاية فرسخين و من لنا بالماء بين نقا وقي سبسب فثنى الأعنة نحو وعث فاجتلى ملساء تلمع كاللجين المذهبقال اقلبوها إنكم إن تقلبوا ترووا و لا تروون إن لم تقلبفاعصوصبوا في قلبها فتمنعت عنهم تمنع صعبة لم تركبحتى إذا أعيتهم أهوت لها كف متى ترم المغالب تغلبفكأنها كرة بكف حزور عبل الذراع دحا بها في ملعبفسقاهم من تحتها متسلسلا عذبا يزيد على الألذ الأعذبحتى إذا شربوا جميعا ردها و مضى فخلت مكانها لم يقربأعني ابن فاطمة الوصي و من يقل في فضله و فعاله لم يكذب
و من ذلك ما رواه أهل السيرة و اشتهر الخبر به عند العامة و الخاصة حتى نظمته الشعراء و خطبت به البلغاء و رواه الفقهاء و العلماء من حديث الراهب بأرض كربلاء و الصخرة و شهرته تغني عن تكلف إيراد الإسناد له.
و ذلك أن الجماعة روت أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع لما توجه إلى صفين لحق أصحابه عطش شديد و نفد ما كان معهم من الماء فأخذوا يمينا و شمالا يلتمسون الماء فلم يجدوا له أثرا فعدل بهم أمير المؤمنين عن الجادة و سار قليلا فلاح لهم دير في وسط البرية فسار بهم نحوه حتى إذا صار في فنائه أمر من نادى ساكنه بالاطلاع إليهم فنادوه فاطلع فقال له أمير المؤمنين ع هل قرب قائمك هذا ماء يتغوث به هؤلاء القوم فقال هيهات بيني و بين الماء أكثر من فرسخين و ما بالقرب مني شيء من الماء و لو لا أنني أوتى بماء يكفيني كل شهر على التقتير لتلفت عطشا.
فقال أمير المؤمنين ع أ سمعتم ما قال الراهب قالوا نعم أ فتأمرنا بالمسير إلى حيث أومأ إليه لعلنا ندرك الماء و بنا قوة فقال أمير المؤمنين ع لا حاجة بكم إلى ذلك و لوى عنق بغلته نحو القبلة و أشار لهم إلى مكان يقرب من الدير فقال اكشفوا الأرض في هذا المكان فعدل جماعة منهم إلى الموضع فكشفوه بالمساحي فظهرت لهم صخرة عظيمة تلمع فقالوا يا أمير المؤمنين هنا صخرة لا تعمل فيها المساحي فقال لهم إن هذه الصخرة على الماء فإن زالت عن موضعها وجدتم الماء فاجتهدوا في قلبها فاجتمع القوم و راموا تحريكها فلم يجدوا إلى ذلك سبيلا و استصعبت عليهم فلما رآهم ع قد اجتمعوا و بذلوا الجهد في قلع الصخرة فاستصعبت عليهم لوى ع رجله عن سرجه حتى صار على الأرض ثم حسر عن ذراعيه و وضع أصابعه تحت جانب الصخرة فحركها ثم قلعها بيده و دحى بها أذرعا كثيرة فلما زالت عن مكانها ظهر لهم بياض الماء فتبادروا إليه فشربوا منه فكان أعذب ماء شربوا منه في سفرهم و أبرده و أصفاه فقال لهم تزودوا و ارتووا ففعلوا ذلك.
ثم جاء إلى الصخرة فتناولها بيده و وضعها حيث كانت و أمر أن يعفى أثرها بالتراب و الراهب ينظر من فوق ديره فلما استوفى علم ما جرى نادى يا معشر الناس أنزلوني أنزلوني فاحتالوا في إنزاله فوقف بين يدي أمير المؤمنين ع فقال له يا هذا أنت نبي مرسل قال لا قال فملك مقرب قال لا قال فمن أنت قال أنا وصي رسول الله محمد بن عبد الله خاتم النبيين قال ابسط يدك أسلم لله تبارك و تعالى على يدك فبسط أمير المؤمنين ع يده و قال له اشهد الشهادتين فقال أشهد أن لا إله إلا الله و أشهد أن محمدا رسول الله و أشهد أنك وصي رسول الله و أحق الناس بالأمر من بعده فأخذ أمير المؤمنين ع عليه شرائط الإسلام ثم قال له ما الذي دعاك الآن إلى الإسلام بعد طول مقامك في هذا الدير على الخلاف فقال أخبرك يا أمير المؤمنين أن هذا الدير بني على طلب قالع هذه الصخرة و مخرج الماء من تحتها و قد مضى عالم قبلي فلم يدركوا ذلك و قد رزقنيه الله عز و جل و إنا نجد في كتاب من كتبنا و نأثر عن علمائنا أن في هذا الصقع عينا عليها صخرة لا يعرف مكانها إلا نبي أو وصي نبي و أنه لا بد من ولي لله يدعو إلى الحق آيته معرفة مكان هذه الصخرة و قدرته على قلعها و إني لما رأيتك قد فعلت ذلك تحققت ما كنا ننتظره و بلغت الأمنية منه فأنا اليوم مسلم على يدك و مؤمن بحقك و مولاك.
فلما سمع ذلك أمير المؤمنين ع بكى حتى اخضلت لحيته من الدموع ثم قال الحمد لله الذي لم أكن عنده منسيا الحمد لله الذي كنت في كتبه مذكورا ثم دعا الناس فقال لهم اسمعوا ما يقول أخوكم هذا المسلم فسمعوا مقالته و كثر حمدهم لله و شكرهم على النعمة التي أنعم الله بها عليهم في معرفتهم بحق أمير المؤمنين ع. ثم سار ع و الراهب بين يديه في جملة أصحابه حتى لقي أهل الشام و كان الراهب من جملة من استشهد معه فتولى ع الصلاة عليه و دفنه و أكثر من الاستغفار له و كان إذا ذكره يقول ذاك مولاي .
و في هذا الخبر ضروب من المعجز أحدها علم الغيب و الثاني القوة التي خرق العادة بها و تميز بخصوصيتها من الأنام مع ما فيه من ثبوت البشارة به في كتب الله الأولى و ذلك مصداق قوله تعالى ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ وَ مَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ و في ذلك يقول إسماعيل بن محمد الحميري في قصيدته البائية المذهبة :
و لقد سرى فيما يسير ليلة بعد العشاء بكربلاء في موكبحتى أتى متبتلا في قائم ألقى قواعده بقاع مجدبيأتيه ليس بحيث يلفي عامرا غير الوحوش و غير أصلع أشيبفدنا فصاح به فأشرف ماثلا كالنسر فوق شظية من مرقبهل قرب قائمك الذي بوئته ماء يصاب فقال ما من مشربإلا بغاية فرسخين و من لنا بالماء بين نقا وقي سبسب فثنى الأعنة نحو وعث فاجتلى ملساء تلمع كاللجين المذهبقال اقلبوها إنكم إن تقلبوا ترووا و لا تروون إن لم تقلبفاعصوصبوا في قلبها فتمنعت عنهم تمنع صعبة لم تركبحتى إذا أعيتهم أهوت لها كف متى ترم المغالب تغلبفكأنها كرة بكف حزور عبل الذراع دحا بها في ملعبفسقاهم من تحتها متسلسلا عذبا يزيد على الألذ الأعذبحتى إذا شربوا جميعا ردها و مضى فخلت مكانها لم يقربأعني ابن فاطمة الوصي و من يقل في فضله و فعاله لم يكذب