شرائح واسعة من الشبّان والفتيات ينفرون من النصيحة ويتذمّرون منها، ويعتبرونها تقييداً لحريّاتهم..
وقد يردّ بعضهم بشيء من الجفاء: وفِّر النصيحة لنفسك.. أو إنّني أعرفُ ما ينفعني ويضرّني فلا حاجة لنصيحتك..
هذه الظاهرة أكثر من مؤسفة ليس لأنّها تغلق الباب بوجه النصيحة التي كان البعض من العقلاء يطالب بها بالحاح،
وهو مستعد أن يدفع مقابلها ثمناً باهضاً حتى قيل: «النصيحةُ.. محمل» تقديراً لقيمتها،
وإنّما لأنّها ترسم معالم مرحلة من الانفلات لم يعد فيها للوعظ والنصيحة والارشاد قيمة في نظر الزاهدين بها على الأقل.
والحال أنّ أشدّ الناس حاجة إلى النصيحة، أشدّهم تأفّفاً منها!
السببُ في رفض النصائح واضح..
لأنّها تستبطنُ أو تستظهرُ نقداً، وقد تُزعج المنصوح لأنّها تطالبُه بتغيير ما اعتاد عليه، أو استعذبه واستمرأه..
أو لأنّه يشعر بغرور فارغ وهو أنّه فوق النصيحة وأعلى من الوعظ، وحسبُه أن يتبع رأيه الخاصّ.
ولكنّنا ـ كما طرحنا في البداية ـ نريد إعادة الاعتبار للنصيحة، بعد أن نعيد النظر في أثرها وقيمتها في حياتنا..
في الآثار تشديد على أنّ الأفضل من بين الآخرين،
هو الذي يحضك النصيحة، لأنّه إنّما يريد بذلك الخير لك وكأنّك نفسه فكما يحبّ لنفسك يحبّ لك، ولذلك فالنصيحة لا تصدرُ عن عدوّ أو مُبغض!
«خيرُ الأعوان والأخوان أشدّهم مبالغة في النصيحة»!
وقيل كذلك: «مَن أحبّكَ نهاك، ومَن أبغضكَ أغراك»!
إنّني عندما أستجيبُ لنصيحتك أُعينك على مساعدتي في تفادي ما أنا فيه،
ولذلك دوّن النصيحة التي يقدِّمها لك شخص يحبّك حتى ولو لم تعجبك كهديّة..
عسى أن يأتي اليوم الذي تحتاجها فيه.. وهو آت لا محالة.
النصيحة تأتي في وقت لتمنع المزيد من التداعي، فهي كالحاجز الذي يحول دون الانزلاق في الهاوية،
أو كالدواء البسيط الذي يمنع مرضاً واهماً قد يستفحل لو تُرك بدون مداواة..
في الحديث الشريف:
«مناصحُك مشفقٌ عليك، مُحسنٌ إليك، ناظرٌ في عواقبك، مستدركٌ فوارطك ...ففي طاعته رشادُك، وفي مخالفته فسادُك»!
فإذا قرّرتُ أن أتبع رأيي الخاص ولا آخذ بنصائح الآخرين، فعليّ أن أتحمّل العواقب وحدي.. ويالها من عواقب وخيمة..
فالذي ينصحني بعدم دخول غابة فيها وحوش مفترسة يريدُ نجاتي، فإذا خالفتُهُ ودخلتُها فلا ألوم إلاّ نفسي..
وما جدوى الندم بعد أن أكون طعمة لوحش أو مُطارَداً من قبله؟!
نعم، لطريقة وأسلوب النصيحة دورٌ في تقبّلها، فقد لا نهرب من النصيحة كنصيحة،
بل للأسلوب الذي تُصاغُ أو تُطرَح به، ولذلك فمن المنصوح به القول: «إذا وعظتَ فأوجز»..
أي كن رفيقاً خفيفاً في نصيحتك ولا تثقل على المنصوح بقائمة طويلة من النصائح..
وقيل: «مَن وعظ أخاه سرّاً فقد زانه ومَن وعظَهُ علانية فقد شانه»!
لأنّ النصائح السرّية تعبِّر عن حرص الناصح وحبّه، لأنّه لا يريد أن يفضح المنصوح أمام الآخرين..
والنصيحةُ عند الطلب والحاجة إليها، أفضل من النصيحة (تطوّعاً) لأنّها تكون ـ
في الحالة الأولى ـ موضع حاجة فعليّة في نفس طالبها، فيسهل تقبّلها أو الأخذ بها.
وأقدر النصائح على النفوذ إلى القلب تلك التي تخرج من القلب ومن عمق التجربة والمعاناة، والتي كان الناصحُ قد انتصح بها أوّلاً.
«لقمان الحكيم» كان يُقدِّم النصائح والمواعظ الثمينة والنفيسة لابنه، لأنّه حبيبه ونفسُه وأولى الناس بهداياه،
ولأنّ ابنه كان ذا أذن واعية،
مستعداً لتقبّل النصائح والعمل بها، شعوراً منه أنّها مترشحة من قلب أب محبٌّ لا يريد له إلاّ الخير والصلاح،
وصادق لا ينصح ابنه إلاّ بما سبقه إلى الانتصاح به!!
وقد يردّ بعضهم بشيء من الجفاء: وفِّر النصيحة لنفسك.. أو إنّني أعرفُ ما ينفعني ويضرّني فلا حاجة لنصيحتك..
هذه الظاهرة أكثر من مؤسفة ليس لأنّها تغلق الباب بوجه النصيحة التي كان البعض من العقلاء يطالب بها بالحاح،
وهو مستعد أن يدفع مقابلها ثمناً باهضاً حتى قيل: «النصيحةُ.. محمل» تقديراً لقيمتها،
وإنّما لأنّها ترسم معالم مرحلة من الانفلات لم يعد فيها للوعظ والنصيحة والارشاد قيمة في نظر الزاهدين بها على الأقل.
والحال أنّ أشدّ الناس حاجة إلى النصيحة، أشدّهم تأفّفاً منها!
السببُ في رفض النصائح واضح..
لأنّها تستبطنُ أو تستظهرُ نقداً، وقد تُزعج المنصوح لأنّها تطالبُه بتغيير ما اعتاد عليه، أو استعذبه واستمرأه..
أو لأنّه يشعر بغرور فارغ وهو أنّه فوق النصيحة وأعلى من الوعظ، وحسبُه أن يتبع رأيه الخاصّ.
ولكنّنا ـ كما طرحنا في البداية ـ نريد إعادة الاعتبار للنصيحة، بعد أن نعيد النظر في أثرها وقيمتها في حياتنا..
في الآثار تشديد على أنّ الأفضل من بين الآخرين،
هو الذي يحضك النصيحة، لأنّه إنّما يريد بذلك الخير لك وكأنّك نفسه فكما يحبّ لنفسك يحبّ لك، ولذلك فالنصيحة لا تصدرُ عن عدوّ أو مُبغض!
«خيرُ الأعوان والأخوان أشدّهم مبالغة في النصيحة»!
وقيل كذلك: «مَن أحبّكَ نهاك، ومَن أبغضكَ أغراك»!
إنّني عندما أستجيبُ لنصيحتك أُعينك على مساعدتي في تفادي ما أنا فيه،
ولذلك دوّن النصيحة التي يقدِّمها لك شخص يحبّك حتى ولو لم تعجبك كهديّة..
عسى أن يأتي اليوم الذي تحتاجها فيه.. وهو آت لا محالة.
النصيحة تأتي في وقت لتمنع المزيد من التداعي، فهي كالحاجز الذي يحول دون الانزلاق في الهاوية،
أو كالدواء البسيط الذي يمنع مرضاً واهماً قد يستفحل لو تُرك بدون مداواة..
في الحديث الشريف:
«مناصحُك مشفقٌ عليك، مُحسنٌ إليك، ناظرٌ في عواقبك، مستدركٌ فوارطك ...ففي طاعته رشادُك، وفي مخالفته فسادُك»!
فإذا قرّرتُ أن أتبع رأيي الخاص ولا آخذ بنصائح الآخرين، فعليّ أن أتحمّل العواقب وحدي.. ويالها من عواقب وخيمة..
فالذي ينصحني بعدم دخول غابة فيها وحوش مفترسة يريدُ نجاتي، فإذا خالفتُهُ ودخلتُها فلا ألوم إلاّ نفسي..
وما جدوى الندم بعد أن أكون طعمة لوحش أو مُطارَداً من قبله؟!
نعم، لطريقة وأسلوب النصيحة دورٌ في تقبّلها، فقد لا نهرب من النصيحة كنصيحة،
بل للأسلوب الذي تُصاغُ أو تُطرَح به، ولذلك فمن المنصوح به القول: «إذا وعظتَ فأوجز»..
أي كن رفيقاً خفيفاً في نصيحتك ولا تثقل على المنصوح بقائمة طويلة من النصائح..
وقيل: «مَن وعظ أخاه سرّاً فقد زانه ومَن وعظَهُ علانية فقد شانه»!
لأنّ النصائح السرّية تعبِّر عن حرص الناصح وحبّه، لأنّه لا يريد أن يفضح المنصوح أمام الآخرين..
والنصيحةُ عند الطلب والحاجة إليها، أفضل من النصيحة (تطوّعاً) لأنّها تكون ـ
في الحالة الأولى ـ موضع حاجة فعليّة في نفس طالبها، فيسهل تقبّلها أو الأخذ بها.
وأقدر النصائح على النفوذ إلى القلب تلك التي تخرج من القلب ومن عمق التجربة والمعاناة، والتي كان الناصحُ قد انتصح بها أوّلاً.
«لقمان الحكيم» كان يُقدِّم النصائح والمواعظ الثمينة والنفيسة لابنه، لأنّه حبيبه ونفسُه وأولى الناس بهداياه،
ولأنّ ابنه كان ذا أذن واعية،
مستعداً لتقبّل النصائح والعمل بها، شعوراً منه أنّها مترشحة من قلب أب محبٌّ لا يريد له إلاّ الخير والصلاح،
وصادق لا ينصح ابنه إلاّ بما سبقه إلى الانتصاح به!!